بقايا سفينة غوص
إنما أنتِ بقيّه
قد رماها الزمنُ الطاحنُ... للأرض وصيّه
للصغار القادمينْ
ترقب الأمسَ حبيباً عائدا
قد توارى خلف أستار السنينْ
فلقد دارت رحى الأيام دوره
وغدا الغوصُ حكاياتٍ تُغنّى
قصّةً نامت بأعماق الوجودْ.
فاحفظي الذكرى... ففي الذكرى عزاءْ
واستعيدي صوتَ نهَّامٍ... على سطحكِ يشدو بالغناءْ
وعليه السيبُ والغوّاصُ أسرى
يُمضيان اليومَ في همّ وكدّ وعناءْ.
واذكري ذاك الهزجْ والأغاني الحانيه
تملأ الآفاقَ أصداءً وحزنا
في البحار النائيه واذكري ذاك الشراعْ
باسطاً للريح ممدودَ الذراعْ
كجناح النورس الباهي البياضْ
هو والإعصارُ يمضي في صراعْ
وانظري تلك الحبالْ يا تُرى كم من يدٍ قد مزّقتْها
كالسيوف المرعبه
واذكري الماء الأُجاجْ ملحُهُ القاسي...
على تلك الجروح النادبه
واذكري الشمسَ عليكِ والسمومَ اللاهبه
تحرق الإنسانَ فيكِ والوجوهَ الشاحبه.
أَوَتدرينَ إذا عمّ المساءْ؟ وأتى النجمُ المتوًّجْ بالضياءْ
ورمى الغوّاصُ بالجسم المكبّلْ بالعناءْ
ورمى يوماً شقيّـاً قاسياً
قد أتى الليلُ فما أحلى الغناءْ!
وأتى الصوتُ الشجيْ
ناشراً آهاتِه الثكلى دعاءً ورجاءْ
يبعث الآلامَ رسلاً وحنيناً ونداءْ
يطلق «اليامال» في تلك المتاهات البعيده
إنه القلب الممزَّقْ والمعنَّى بالوفاءْ.
واذكري النورَ إذا ما الفجرُ لاحْ
وصفا البحرُ مع الجذلى العذابْ
هادئاً يلهو تناجيه الرياحْ
ثم تأتي الشمس من مخبئها
وبأيديها سياطْ تنتقي تلك الجراحْ.
إن تذكّرتِ فهل تنسين.. أيامَ القفالْ
بعد ليل طال في البحر وطالْ..؟
وأتى الفجرُ وليداً في ثناياه الوصالْ
واذكري الشطّ إذا ما الشط قد مَدَّ ذراعَهْ
وهفا الرملُ إليكِ في حنين ووداعه
عاتباً يشكو من البعد التياعه
اذكري الأمسَ وقولي : إنها شرعُ الحياه
كم حياةٍ عاشها الدهرُ... وضاعتْ في ثراه
إنها شرعُ الحياه هكذا تمضي الحياه